المادة    
ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في (ص:240) قال: (قال إسماعيل بن سعيد : سألت أحمد عن الإيمان والإسلام، فقال: الإيمان قول وعمل، والإسلام إقرار، قال: وبه قال أبو خيثمة وقال ابن أبي شيبة : لا يكون إسلام إلا بإيمان، ولا إيمان إلا بإسلام، وإذا كان على المخاطبة فقال: قد قبلت الإيمان؛ فهو داخل في الإسلام، وإذا قال قد قبلت الإسلام؛ فهو داخل في الإيمان) فهذا هو التلازم الذي ذكره الشيخ رحمه الله.
وقد أوضحنا فيما مضى: أن التلازم بينهما واضح جلي، فليس المقصود من تحقيق الإيمان الباطن: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، أن تدع الأعمال الظاهرة، وليس المقصود من كون الإسلام هو الأعمال الظاهرة: الشهادتان، والصلاة، والزكاة؛ ألا يأتي الإنسان بالإيمان الباطن، وكون الإسلام درجة والإيمان درجة أعلى لا يقتضي أن المسلم ليس عنده شيء من الإيمان أبداً، بل لديه قدر من الإيمان الباطن الذي هو أصل الدين، ولا بد منه، لكنه لم يرتق فيه بحيث يصبح مؤمناً الإيمان الذي هو الدرجة، فهو كما مثل الشارح رحمه الله تعالى مثل الشهادتين، فإذا قال العبد: أشهد أن لا إله إلا الله؛ فإنه يدخل في ذلك ضمناً وتبعاً: أنه يشهد بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله؛ قلنا: إنه أقر لله تبارك وتعالى بالألوهية، ووحده بذلك، وأقر لرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولو كان العكس فقال رجل: أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أشهد أنك رسول الله، وآمن به؛ لعلمنا أنه أيضاً قد آمن بأن الله واحد، وهو المعبود وحده، فهما متلازمان كالشهادتين، فالسلف نصوا على التفريق، ونصوا على أنهما متلازمان، فلا ينبغي أن يفهم أحد أن الإمام أحمد ، أو الزهري ، أو ابن أبي شيبة أو غيرهم من الأئمة أن منهم من كان يفرق مطلقاً بحيث إنه لا يجعل بينهما أي تلازم، وأن من يقول أنهما مترادفان مطلقاً؛ فإنه أيضاً لا بد أن يخرِّج النصوص الواردة بخلاف ذلك؛ بحيث يستقيم له مذهبه أو رأيه.